فصل: انتقاض الحسين على ابن حمدان بديار ربيعة وأسره.

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تاريخ ابن خلدون المسمى بـ «العبر وديوان المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر» (نسخة منقحة)



.انتقاض الحسين على ابن حمدان بديار ربيعة وأسره.

كان الحسن بن حمدان واليا على ديار ربيعة وطالبه الوزير علي بن عيسى بالمال فدافعه وأمره بتسليم البلاد إلى عمال السلطان فامتنع وكان مؤنس الخادم بمصر في محاربة عساكر المهدي صاحب أفريقية فجهز الوزير إلى ابن حمدان رائقا الكبير في عسكر سنة ثلاث وثلثمائة وكتب إلى مؤنس أن يسير إلى الجزيرة لقتاله بعد فراغه من أصحاب العلوي بمصر فسار رائق أولا هزمه الحسين ولحق بمؤنس فأمره بالمقام بالموصل وسار نحو الحسين وتبعه أحمد بن كيغلغ وانتهى إلى جزيرة ابن عمر والحسين بأرمينية ورجع الكثير من عسكره إلى مؤنس ثم بعث مؤنس عسكرا في أثره عليهم بليق ومعه سيما الجزري وجاء الصفواني واتبعوه فادركوه وقاتلوه فهزموه وجاؤا به أسيرا ومعه ابنه عبد الوهاب وأهله وكثير من أصحابه وعاد مؤنس إلى بغداد على الموصل فحبسه المقتدر وأغار على أبي الهيجاء بن حمدان وجميع إخوته وحبسهم ثم أطلق أبا الهيجاء سنة خمس وقتل الحسين سنة ست تقريبا كما نذكر إن شاء الله تعالى.

.وزارة ابن الفرات الثانية.

كان الوزير أبو الحسن بن الفرات محبوسا كما ذكرنا وكان المقتدر يشاوره ويرجع إلى رأيه ويبغي بعض أصحاب المقتدر إعادته وبلغ ذلك الوزير علي بن عيسى فاستعفى ومنعه المقتدر ثم جاءت في بعض الأيام قهرمانة القصر تناظره في نفقات الحرم والحاشية وكسوتهم فألفته نائما فلم يوقظه لها أحده فرجعت وشكت إلى المقتدر وأمه فقبض عليه في ذي القعدة من سنة أربع وثلثمائة وأعاد ابن الفرات على أن يحمل إلى بيت المال ألف دينار وخمسمائة دينار في كل يوم وقبض على الوزير من قبله علي بن عيسى والخاقاني وأصحابهما وصادرهم أبو علي بن مقلة وكان مختفيا منذ قبض على ابن الفرات فقدمه الآن واستخلصه.

.خبر ابن أبي الساج بأذربيجان.

قد ذكرنا استقرار يوسف بن أبي الساج على أرمينية وأذربيجان منذ مهلك أخيه محمد سنة ثمان وثمانين ومائتين وكان على الحرب والصلاة والأحكام وكان عليه مال يؤديه فلما ولي الخاقان وعلي بن عيسى الوزارة والتأمت أمور يوسف في الاستبداد وأخر بعض المال واجتمع له ما يريده لذلك وبلغته نكبة الوزير علي ابن عيسى فأظهر أن العهد وصل إليه بولاية الري على يد علي بن عيسى وكان حميد بن صعلوك من قواد ابن سامان قد بعث على الري وما يليها وقاطع عليها بمال يحمله فسار إليه يوسف أربع وثلثمائة فهرب إلى خراسان واستولى يوسف على الري وقزوين وزنجان وكتب إلى الوزير ابن الفرات بالفتح ويعتذر بأنه طرد المتغلبين ويذكر كثرة ما أنفق من ذلك وأنه كان بأمر الوزير علي بن عيسى وعهده إليه بذلك فأستعظم المقتدر ذلك وسئل علي بن عيسى فأنكر وقال: سلوا الكتاب والحاشية والعهد واللواء اللذين كان يسير بهما مع بعض القواد والخدام فكتب ابن الفرات بالنكير على يوسف وجهز العساكر لحربه مع خاقان المفلحي ومعه أحمد بن مسرور البلخي وسيما الجزري ونحرير الصغير وساورا في جيش كثيف لمحاربته وعزل خاقان المفلحي عن أعمال الجبل وولاها نحريرا الصغير وسار مؤنس واستأمن له أحمد بن علي أخو صعلوك فأمنه وأكرمه وبعث ابن أبي الساج في المقاطعة على أعمال الري بسبعمائة ألف دنيار سوى أرزاق الجند والخدم فأبى له المقتدر من ذلك عقوبة على ما أقدم عليه وولى على ذلك العمل وصيفا البكتمري وطلب ابن أبي الساج أن يقاطعه على ما كان بيده قبل الري من أذربيجان وأرمينية فأبى المقتدر إلا أن يحضر في خدمته فلما يئس ابن أبي الساج زحف إلى مؤنس وقاتله فانهزم مؤنس إلى زنجان وقتل من قواده جماعة وأسر هلال بن بدر وغيره فحبسهم يوسف في أردبيل وأقام مؤنس بزنجان بجمع العساكر يستمد من المقتدر وابن أبي الساج يراسله في الصلح والمقتدر لا يجيب إلى ذلك ثم قاتله مؤنس في فاتح سنة سبع وثلثمائة عند أردبيل فهزمه وأسره وعاد به إلى بغداد أسيرا فحبسه المقتدر وولى مؤنس على الري ودنبوند وقزوين وأبهر وزنجان علي بن وهشودان وجعل أموالها لرجاله وولى مؤنس على أصبهان وقم وقاشان أحمد بن علي بن صعلوك وسار عن أذربيجان فوثب سبك مولى يوسف بن أبي الساج فملكها واجتمع عليه عسكر فولى مؤنس بن محمد بن عبيد الفارقي وسار بمحاربة سبك فانهزم وعاد إلى بغداد وتمكن سبك في أذربيجان وسأل المقاطعة على مائتي ألف وعشرين ألف دينار في كل سنة فأجيب وعقد له عليها وكان مقيما بقزوين فقتله على مراسة ولحق ببلده فولى المقتدر وصيفا البكتمري مكانه على أعمال الري وولى محمد بن سليمان صاحب الجيش على الخوارج بها ثم وثب أحمد بن علي بن صعلوك صاحب أصبهان وقم على الري فملكها وكتب إليه المقتدر بالنكير وأن يعود إلى قم فعاد ثم أظهر الخلاف وأجمع المسير إلى الري وسار وصيف البكتمري لحربه وأمر نحريرا الصغير أن يسير مددا لبكتمري فسبقهم أحمد بن صعلوك إلى الري وملكها وقتل محمد بن سليمان صاحب الخوارج وبعث إلى نصر الحاجب ليصلح أمره بالمقاطعة على أعمال الري بمائة وستين ألف دينار وينزل عن قم فكتب له بذلك وولى غيره على قم.